المشروع الاسلامى

نحن بلا شك نعيش في عالم يموج بالمتغيرات المتسارعة ويقذف بنا في كل يوم لموقع جديد على الأصعدة جميعا من سياسة وثقافة وسلوك اجتماعي وغيرها، ولم تترك هذه الحركة المتسارعة والحتمية في كثير من الأحيان مجالا لالتقاط الأنفاس ومراجعة المواقف، ولم تترك مساحة كبيرة لاختيار المناسب ورد غيره مما يتعارض مع القيم والمصالح، وإذا كان هذا هو قدرنا الذي كتبه الله فليس من موقف صحيح لنا سوى أن نتفاعل مع واقعنا ونتعاطى مع مكوناته الحالية جاهدين في ذلك عبر الانتقاء والمغالبة وعبر التطوير والمراجعة لكل أدواتنا نظرا وفعلا.

وعلى الصعيد الشرعي والدعوي تتقدم الجهود العامة بشكل كبير في العصر الحاضر على غيرها من جهة قدر الاستيعاب للمرحلة والتعاطي معها وفي داخل هذا التفاعل الدعوي نفسه تتفاوت درجات ذلك وأكثره ما يتعلق بالأدوات التي يتم توظيفها لنقل الفكرة والمشروع الإسلامي، ولكن تبقى المشكلة الأكبر حاضرة فيما يتعلق بالمواكبة المناسبة في المضمون .

ومن هذه العوامل المؤثرة في جانب المواكبة الشرعية للحياة المعاصرة ما يتعلق بمخرجات التعليم الشرعي الأكاديمي والذي تأخر من حيث تفاعله مع الواقع عن الجهود الدعوية بصورة ملفتة. نحن بحاجة ماسة في تعليمنا الأكاديمي الشرعي لأن نعيش واقعنا بصورة أكثر وضوحا وقربا وتطورا من مجرد النظريات والعموميات، وللتمثيل على حضور هذا المشكل في واقعنا التعليمي الشرعي فإني أكاد أقطع بأن كثيرا من الأقسام الشرعية في جامعاتنا لم تخضع لعملية مراجعة وتطوير جادة ومدروسة على أسس علمية منذ فترة طويلة جدا من الزمن، بل بقيت الخطط العلمية لبعض الأقسام كما هي حين وضعت أول مرة وكأنما هي اجتهاد مقدس لا يجوز قربانه،

ولظني بأن المرحلة الحالية تتميز بقدر طيب من الانفتاح على التطوير والمراجعة من وزارة التعليم العالي فإني أتمنى من الإخوة القائمين على تلك الأقسام النظر في بعض الأفكار العامة التي أسوق رؤوسها هنا لعلها أن تحرك ساكنا وذلك بطبيعة الحال مع التقدير والثناء على كل جهد قام أو هو قائم الآن في هذا الاتجاه، وسأتجاوز الجوانب الفنية لأقترح أولا بعض العناوين التي يصلح بعضها لأن تفتح من أجله كليات أو أقسام، أو أن يكون ضمن الخطط العلمية للأقسام الشرعية المناسبة لها عبر مواد تدخل في برامجها، فمن هذه العناوين المصرفية الإسلامية، الدعوة إلى الله ولكن وفق تخصصات متنوعة بحسب المدعوين والدول واللغات وغير ذلك، العمل الخيري والإغاثي، المحاماة مربوطة بالشريعة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الفقه الطبي، الفكر الإسلامي، الحضارة الإسلامية، مراكز دراسات متخصصة، الإعلام الإسلامي وغير ذلك مما ازداد حضوره ولم يأخذ نصيبا معقولا في مناهجنا الشرعية،

وثانيا ضرورة المراجعة الممنهجة لبعض المفردات في ثنايا المناهج الشرعية الحالية وذلك باستبعاد ما تلاشت الحاجة إليه فلم يعد من المناسب إضاعة الجهد بتدريسه كبعض الفرق والطوائف المنقرضة بالكلية والتي يمكن استحضارها في مواضع على جهة التمثيل المختصر دون إطالة، أو مما لا تتوافر الدواعي المرحلية لدراسته اليوم ويمكن تدريسه كذلك مختصرا كأحكام الرقيق، وأما غالب الفقه وإن كان مستقر الأصول إلا أنه بحاجة ماسة لإعادة ، وبالجملة فنحن بحاجة ماسة إلى تطوير التعليم الشرعي الأكاديمي بما يناسب حاجات الناس اليوم ليجدوا الجواب الشرعي لكل ما يعترض حياتهم، وليروا كيف كان دينهم صالحا لكل زمان ومكان وفرد.

الكاتب: الشيخ د.جميل بن حبيب اللويحق

يسلمو

الله يسلملك
شكرا على مرور

جزاك الله الف خير مشكوره ماتقصرين
تقبلي مروري

شكرا
الله يسلملك
شكرا على مرورك